من طرفِ عَيْنِها هَطَلَ عَليَّ التّبحُّرُ بِعَطِيّةِ بُعْدِ النّظرِ المشتورِ على قياسِ سريرِنا المتفلّتِ من شؤونِ وشجونِ الشّهوةِ المعمّرةِ في طيّاتِ مسرحيّاتِ نَتْفِ اللُّحُفِ لشرشحةِ القطنِ المبهورِ من تأوّهاتِ ممثّلي تأويلِ الكلامِ بالسّافرِ من اﻷفعالِ عن أحوالِ الحبِّ الهاشلِ في أهواءِ الاسترضاءِ بالقليلِ فقط من أحلامِ اليقظةِ القاتلةِ المُشْرَئبَّةِ على كفِّ عفريتٍ لا يكفُّ عن ممارسةِ تقنيّاتِ إخراجِ مشهديّاتِ العبثِ من مطحنةِ الرأسِ اﻷسودِ المسؤولِ اﻷوّلِ واﻷخيرِ عمّا آلت إليه أمورُنا المقتولةُ في مجلسِ العزاءِ المستدامِ إذْ قدْ كُتِبَ على سمائِنا يا حبيبتي ودونَ اﻷخذِ بمشورتِنا العمياءِ من الولعِ أو بالاستقصاءِ الرّحيمِ عن نيّاتِنا المعطاءةِ المبطّنةِ في وساداتِ الطّفولةِ المُنَجَّدةِ بعبيرِ الاعتبارِ من عباراتِ دوخةِ اﻷرضِ لشدّةِ وطأةِ دوارِ الدَّمِّ الضّائعِ المسبوكِ بعبواتِ ذهبِ الكلامِ الرّنانِ وفضّةِ السّكوتِ عن الطَّرَشِ المدلوقِ في طناجرِ الجماجمِ ولو بعدَ تقبيعِ كلِّ ألوانِ فصولِها فهي أصلاً بائخةٌ وستبوخُ لا محالَ وتنحلُّ لتتحلّلَ معنا في مجالاتِ قبورِنا الفسيحةِ تركضُ عليها اﻷمُّ تُزَفِّتُها بلعابِها الشّائحِ وبسوادِها المُهَسْتِرِ وهي تحلشُ شعرَها المتبخترَ في دخانِ الكارثةِ ظنًّا منها أنّها تواسي بذلكَ بياضَ الحيطانَ البهيمِ المنغلقِ على نفسِه بجسدِها وهي لا حولَ لها ولا قوّةَ إلاّ أن تمتثلَ أمامَه كمومياءَ مُذْنِبةٍ ملطّخةٍ بصبغةِ موضةِ المجازرِ فتشهدُ على الدَّمِّ المدلوفِ وتحميه بصدرِها وبقلبِها وبحلقِها وتتدرَّعُ به وبغضبِها من الذَّكَرِ الطّاحشِ للغرقِ برأسِه فيه بحثًا عن أنثى حاقدةٍ ناقمةٍ على المفاهيمِ غيرَ آبهةٍ بجدوى الاعتقادِ بقصّةِ حُبِّنا المقروطِ من بدءِ اﻷزمنةِ المجرمةِ على شَرَفِنا وحبّذا لو كنّا قد انتبهْنا لهذه المؤامرةِ في حينها لكنّا تأبَّيْنا الخطرَ الدّاهمَ المُحدقَ بعيونِ رسائلِنا الشّفويّةِ تُبَلْعِطُ الآنَ هباءً في مستنقعاتِ اللّغةِ المحشوكةِ بغرامٍ منشودٍ مكحوشٍ من جنّةِ الصّوتِ العذبِ الشّارعِ بالنّشازِ للانتهاءِ سريعًا من بدايةِ تكوُّنِ الرّحمِ في جحيمِ اﻷرضِ كرهينةٍ للتّبشيرِ بقربِ موعدِ ساعةِ الصِّفْرِ وتحيُّنِ الفرصِ والكمشِ بها وربطِها على سنواتِ الحربِ ونواحِ الرّشاشاتِ توفّرُ علينا مغبّةَ الحياةِ المعقودةِ على كلِّ ما سيتبعُ بنا من غباءٍ وويلاتٍ كنّا قد حَبِلْنا بها عن سابقِ تصوُّرٍ وتصميمٍ وتخطيطٍ لطريقِ الخطأ الرّحيمِ وشَقِّهِ لتمريرِه خلفَ عينِ الصّوابِ الرّجيمِ لكنّنا وبتقديرٍ شبهِ أجدبٍ ومُنْجزٍ في الابهامِ آثرنا الانوجادَ صدفةً كتردّدِ صدى صياغةِ حسبةِ الاحتمالاتِ الصّدئةِ لموتِ كلِّ لحظةٍ قُتِلْنا ﻷجلِها كي لا نُخْبِرَ واحدنا للآخرِ فيما بعدُ ما لم نُرِدْهُ من أحداثٍ وحوادثَ وندمٍ ولومٍ كانَ من الممكنِ تحاشيه إلاّ أنّنا وللتّكفيرِ عن جهلِنا بشائعاتِ النّهاياتِ السّعيدةِ كنّا قد خَلَقْنا أيضًا وأيضًا ما خَلَّفناه بيننا وبالحزنِ رَبَّيناه فَتَوَلَّدنا باﻷلمِ نعيشُه من اللّحمِ إلى العظمِ على الدّوامِ المرطَّبِ بوهمِ السّلامِ بيننا وبالاكتفاءِ سعيدينِ بقشرةِ اللّيمونِ تجمعُنا وبالتَّرَبُّصِ لنقطةِ الماء في العدمِ المرابطِ على الكوعِ لنا نهوي منه فننزَرِكُ فيها ويزحطُ خدُّكَ من يدي يا حبيبي فتفلِتُ وتشرشرُ عليَّ تأوّهاتٍ من النّدمِ الفتّاكِ على كلِّ ما استطعتُه لكَ من وعودٍ آثمةٍ بحبٍّ ينطقُ لكَ كما منك وفيك بحقّي عليك ولك منه أيضًا وأيضًا نعترفُ وباسمِ حقِّ عدلِكَ عليَّ لا تَخَفْ أن تغرزَ العينَ باللّسانِ لينشرحَ أفقُ الرّمشِ وتعلو وتيرةُ الفضيحةِ فتتجعّدُ على صفيحةِ الجبينِ الكاذبِ ينطحُ كلَّ سطوحِ الحقيقةِ يَشْلَعُها عن حيطانِ الذّاكرةِ المهترئةِ تسقطُ في متاحفِ التّاريخِ اﻷحمرِ وجغرافيا الخراءِ اﻷخضرِ لتهفَّ النّبوءاتُ به وبهالاتٍ زرقاءَ حولَ رؤوسِ ذبابٍ أصفرَ يحومُ فوقَ سريرِنا يا حبيبتي فَتَهُبِّينَ كطوشةِ الرّصاصِ الطّائشِ في بيتٍ دونَ بابٍ والحربُ تتشمّسُ في الهواءِ الطّلقِ من النّوافذِ تركضينَ وراءها بلحفِ الجفونِ تستنجدينَ بأوكارِ النّملِ ينهشكِ ينحرُ ظلالَكِ أنتشلُها أنا من نورِ جسدِك أغطّي به أعصابَ جلدِ جسدي المُنَكْرَزِ المُكَرّزِ المصابِ بالشّلقحةِ أمامَ قدرِ الحريقِ الملتهمِ لما نما من ناسٍ فأكثروا من النّيامِ في نواميسَ مصطفّةٍ في العراءِ ولا من ناموسيّةٍ قد وجدناها لِتَقِينا من هذا الموتِ المدقعِ وذبابِه اللّئيمِ فَهَلُمّي يا حبيبتي إذ جاءنا الصباحُ وتفضّلَ علينا بالإتيانِ باكرًا كانَ أم متأخّرًا هَلُمّي بِشَقْلِ جنسِه وصلبِه على كلِّ سلالةِ السّاعاتِ المعجوقةِ بتكرارِ تكريرِ الفائضِ من أحاديثَ عن رواقٍ موجبٍ في سبيلِ العودةِ إلى ما قد كانت عليه اﻷمورُ قبلَ محينِ أوانِ موعدِ رحيلِ الحيوانِ مثلي إلى موتِه وحيدًا دونَ غريزةِ الرّغبةِ بقتلِ الحبِّ وتصفيةِ أشعارِه دفعةً واحدةً ونثرِها من قبضةِ القابضِ ثمنَ هكذا فعلةٍ وبالفعلِ وحدَه يا رفيقةَ العمرِ أحيا من نسلِ ضحكاتِ أطفالِنا فرَّتْ من رحمِك لتنطَّ على جسدي المصروعِ بدموعٍ شطفَت السّطوحَ والبلاكينَ من الوردِ واﻷرُزِّ احتفالًا بانفصالِنا بعدما انفصلْنا عن ذواتِنا المُخَرْدقةِ بمعاركِ البارحةِ القريبِ والغدِ البعيدِ لناظرِه كالمنتهى السّعيدِ بمنالِ الوحدةِ والتّعنيدِ على قصِّ أخبارِ الحبيبِ والحبيبةِ كحكويّاتيٍّ يستفرغُ يوميّاتِ الجبهاتِ جميعَها في خندقٍ واحدٍ ضدَّ الرّجعيّةِ والكلُّ محشورٌ ممسكٌ بأمعائه كي لا يفلِتَ التّغوّطُ ممّا هبَّ ودبَّ فَتَنْطَمُّ القضيّةُ ونموتُ بهرائنا فداءً لبخشِها العميقِ المحدقِ بنا منذ تعرّفنا على بعضِنا يا حبيبتي وكنّا قد تغاضينا عنها في سبيلِ القضيّةِ الواحدةِ ألا وهي حبُّنا المشرشحُ المبطوحُ أمام كاتبِ العدلِ يسجّلُ طلاقَنا ويكرّرُ على مسامعِنا أن لا عودةً على بدءٍ فَلِذا شَمّروا عن كلماتِ الماضي واسلخوا ما بقيَ من ذكرياتٍ آتيةٍ بمحاولاتٍ للرّكمجةِ على شفيرِ هاويةِ شفافِكم المتهاويةِ من لحظةِ القبلةِ على لعنةِ الدّخلةِ وتقبّلوا التّهاني ولا تتدخّلوا بما لا يعنيكم من مستنداتٍ وملفاتٍ أفتحُها وأحشرُ رأسي في سبيلِكم بينَ دفّاتِها وأطبقُ وأدغمُ وأبصمُ وأوقّعُ على ما قد زمطَ من الحسبانِ فهبطَ في شركِ التّغربةِ عن التّجربةِ للشّرقِ السّائحِ في الوجودِ وشفطِه شفطةً واحدةً من ماجوقِ الغربِ وأساطيلِه في البحرِ اﻷبيضِ واﻷحمرِ واﻷسودِ وقوسِ القزحِ بكاملِه أدحشُه ثمَّ أبصقُه على زجاجِ العدمِ المكدّرِ لعبوةٍ وضعناها تحتَ ريشِ الفينيقِ المنتوفِ وبقينا في حالةِ انتظارٍ دائمٍ وتأمُّلٍ مرهفٍ بانبثاقِ بيضةٍ ما من شظايا المعادنِ في عيوننا الحمراء الجاحظةِ بانفجارِ عواصمِ الدّنيا كلّها ﻷجلكِ يا حبيبتي يا مدينةَ السلامِ أصلّي.
الصورة: Charles Maurin - L'aurore du travail (1891)
كن جزءًا من مشروع "رحلة"
وادعَم صُدور النّسخة الورقيّة الشهريّة