رحلَ الفنان الفلسطيني وإبن القدس مصطفى الكرد، حنجرة فلسطين الصادحة وأحد مؤسسي مسرح الحكواتي وفرقة البلالين في القدس
مع كل خطوة كنت أخطوها نحو تلك الساحة الصغيرة كان غضبي يزداد: كيف يعيش الناس في حصار مستدام؟ في حريات مسجونة؟
بتروا أطرافنا، لكنّهم لن يستطيعوا بترَ الحقد المتنامي في حلوقنا. فكلّ الذي نراه اليوم، جعلنا ندرك كلّ الأهوال التي عشناها دفعةً واحدة. كلها.
البكاء الفردي يزيد الألم وأنا لشدّته أريده أن يزول فكان لا بد من ابتلاعه دون بكاء. لا بدّ أن يكون البكاء جماعيًا.
تحضر الشاشة فينا إلى أحضاننا. ننظر إلى الهول العظيم في راحة أسرّتنا. نذهب الى مكاتبنا وصفوفنا ويحضُرُ الدم معنا في جيوبنا.
من يغوص في لغة هذه المؤسسات، هنا وهناك، يعرف أن لا مجال إلا للتماهي مع سياسات المانحين.
نحاول في هذه المقابلة تتبع أنماط التفكير البصري حول الحرب في سياق 500 عام من الاستعمار الاستيطاني والمقاومة اليومية في "إمبراطورية المخيمات"
في غزة اليوم، يُطرح السؤال بوجه العالم أجمع، بعد أن عَلَف وسمّن كيانًا كمن يُسمّّن ثور. ثور هائج مجهّز بأحدث تكنولوجيا عسكرية
لم تعد تتسع غزة لركامها. تتمدد أجساد الناس في البحر مع ساعات الصباح الأولى. أما ظهراً، فتهبط المساعدات "الإنسانية" على بحر من الجائعين
لحظة 7 أكتوبر، هذا الإنفجار العظيم الذي وضع غزة نصب أعيننا بعد أن كانت قد توارت مؤقتاً خلف الهدوء النسبي وكواليس السياسة
نفقد الأمان نطوّر استراتيجياتنا الشرائية لنبيع الشاي الشافي. نفقد الحب فنبيعه كالأغنية العاطفية، المبادئ الإنسانية الرفيعة مقابل السلطة.
التشابه والتماثل في القوانين والممارسة والاستيلاء والعنف واضحان بين حال ومصير الإفريقي القاطن في بانتوستان وبين فلسطيني الأراضي المحتلة
من هنا تبدأ الخارطة والكلمات
قبل إصدار هذا العدد، كنّا نتهيأ لإصدار عدد تحت عنوان "إمّا الهدم وإمّا الإبادة"، أردنا تبنّي المواجهة، هدم الفردوس وتعكير صفو الحياة اليومية التي اعتدناها، واعتبرنا أن عالم ليس لنا هو عالم يستحق الهدم.
ثم حدث أن استيقظنا صبيحة السابع من أكتوبر وتملّكتنا مشاعر الذهول والتواضع والخجل أمام الخيال النقي الذي أطلقته المقاومة في فلسطين: طائرات شراعية وصواعق تجريبية، عبقريّة سُفلية تطلع من الأنفاق، وسواعد سمراء حرّة تشرّع أبواب سجن غزة كالطوفان الهادر. كانوا وما زالوا يطبّقون بالممارسة فكرة أن عالم ليس لنا هو عالم يستحقّ الهدم.
من هنا وصلنا إلى هذا العدد وطرحنا الأسئلة التالية: كيف نتحرّك في زمن الطوفان؟ لماذا نطمَئِن في حضرة الملثّم؟ كيف نلتقي بعد أن تَفرّقنا؟ كيف نرى الحرب؟ كيف لا نعتاد صورة المجزرة؟ كيف نساند شعبنا؟ كيف نفتخر بمقاومتنا؟ كيف نوزّع الحمل على أكتافنا جميعاً ولا نطلب من فرد واحد أن يكون البطل الذي يعوّض عن عجزنا؟ كيف نصدّ محاولات الغرب تلطيخ قضيتنا بالأكاذيب؟ هي أسئلة عملية (كيف)، وتعنينا ("نا" الدالة)، نطرحها على أنفسنا فرادة ونتحمل مسؤولية الإجابة عنها كمسؤولية المقاتل على أرض المعركة. الـ "نا" هي جوهر القضية.
في هذا العدد الإستثنائي، وفي حضرة الطوفان، ننطلق من الحقيقة التالية: في السابع من اكتوبر انتصر الخيال على الاحتلال، ورُفِعَ الوشاح الأخير عن عالم الشمال، عالم الاستلاب، "عالم ليس لنا"، عالم حجب الرؤية ومَنعِنا من التعرّف على أبطالنا الحقيقيين والواقعيين جداً حدّ طلب المستحيل من نقطة صفر. على أسوار غزّة انطلقت عملية هدم القديم، الظلم، الطغيان. فُكّ حصارنا أيضاً. فماذا نفعل بكل هذا الردم؟ ماذا نفعل بكل هذا الفخر؟ كيف نعيد بناء ذاتنا ومجتمعاتنا لكي تمارس الخيال والمقاومة بدل أن نجترّ الخلاص بفرض البطولة الخارقة على قلّة منا؟من هنا تبدأ الخارطة والكلمات
يمكنكم تصفّح النسخة الورقيّة بصيغة PDF