عامَ 520 قبلَ الميلاِد، حلَّ الرّبيعُ الصّينيُّ وكانَ صن تزو (ٍSun Tzu) يبلغُ من العمرِ أربعًا وعشرينَ عامًا. كان يحملُ إجازةً في العلومِ السّياسيّة من جامعةِ زين (Zen). عاطلٌ من العملِ ويائسٌ مثل معظمِ الشّبابِ الصّينيِّ في ذلكَ الوقتِ، قضى صن ربيعَ شبابِه يأكلُ الأرُزَّ ويفكّرُ في طرقٍ لكسبِ العيش.
ذاتَ صبيحٍة، كان صن تزو جالسًا كعادتِه تحتَ شجرةِ ليمونٍ ألِفَها منذُ أن كان في العاشرةِ من عمرِه. عرفَت الشّجرةُ كلَّ أسرارِ ومخاوفِ صن، وأطلقَ عليها اسمَ "أنتشي" (Annchi). في عيدِ ميلادِه الخامسِ والعشرينَ، جلسَ صن تزو تحتَ أنشي وبكى عدّةَ أيّامٍ، ثمَّ حدّثَها فقال: "يعتقُد الأطفالُ في الصّينِ أنّهم سيكبرونَ يومًا ما، وسيساهمون بشكلٍ فاعلٍ في المجتمعِ، وسيمتهنونَ شتّى الأعمالِ، وسيؤسّسونَ أسَرًا. لقد كُسِرت هذه القاعدةُ بالنّسبةِ لجيلٍ كاملٍ (أو حتّى لأجيالٍ) من الشّبابِ الصّينيِّ جرّاءَ إعصارِ "مرحلةِ الحدّيّةِ" (liminal period) أو الارتباكِ، ما جعلَ مصيَرهم الفشلَ المحتّمَ الّذي قُدّرَ عليهم أن يُقاسوه. استمعَت أنتشي إلى صن وأومأت بفروعِها تعاطفًا. ثمَّ حدّقَ صن في السّماءِ لمدّةِ ساعةٍ ما لبثَ أن نامَ من بعدها. أيقظته أنتشي بإلقاءِ ليمونةٍ من غصنِها على رأسِه، فنهضَ صن على عجلٍ واستمعَ إلى كلماتِ أنتشي الحكيمةِ: "في خضمِّ الفوضى، هناكَ أيضاً فرصة".
في تلك اللّحظةِ، قرّرَ صن قَطْعَ شجرةِ جاره وانغ لي واستخدامَها لبناءِ كشكِ ليموناضة. لم يكن صن يحبُّ جارَه وانغ لي، بالأحرى، لم يحبَّه أحد. في صباحِ اليومِ التّالي، اقتربَ وانغ لي من كشكِ صن للّيموناضةِ مفطورَ القلبِ، محدّقًا في عينيه قائلًا: "شكرًا لقطعِك شجرتي يا صن!"
وقفَ صن بهدوءٍ مثلَ الجندبِ وأجابَ: "النّصرُ يأتي من اقتناصِ الفرصِ في المشاكل… وجدتُ فرصةً واستغلّيتها."
وانغ لي: "أخذتُ قيلولةً لمدّةِ ساعتينِ بعدَ الظّهرِ واستيقظت لأجدَ أنَّ شجرتي مقطوعة."
صن تزو: "بالضّبطِ، حتّى أفضلُ سيفٍ مغطّسٍ في المياهِ المالحةِ سيصدأ في النّهاية."
وانغ لي: "هل تعتقدُ أنّك أصبحت رجلًا حكيمًا لأنّك قطعت شجرةَ جارِك؟"
صن تزو: "من المهمِّ أن تتفوّقَ على عدوِّك بالتّفكيرِ أكثرَ من محاربته. أعظمُ انتصارٍ هوَ الّذي لا يتطلّبُ معركة".
بعدَ الاستماعِ إلى هراءِ صن تزو، ابتعدَ وانغ لي وظلَّ صن يبيعُ اللّيموناضةَ لبقيّةِ حياتِه: إنّها مرحلةُ الحدّيّة.
بوست فيلوسوفي
http://postphilosophy.com
كن جزءًا من مشروع "رحلة"
وادعَم صُدور النّسخة الورقيّة الشهريّة