هذا العمل مؤلف من أجزاءٍ لا أدري متى تَنتهي، لكنَّها ستنشرُ على كلِّ حال، أعدَّ لنفسك حبلَ الغسيلِ، وإن كنت تمتلك ملاقط خشبية سأعتبرها هديّةً منكَ، أما موضوعه عزيزي القارئ هو : كُلْ ما لم يَخطُر ببالكَ.
كي تصبحَ لصًّا يجب عليكَ أن تكونَ شريفاً، وبلا يدين.
المَشهَدُ الأوَّل
"- يجبْ أن أُخططَ لليلةِ الغدِ
- وماذا سنَفعلُ في ليلةِ الغدِ يا براين؟
- ما نفعلهُ كلًّ ليلةٍ يا بينكي، نحاولُ السيطرة على العالم."
- هاي! هاي! أنتَ ماذا تفعلْ؟
- أضعُ يدي في "بريزِ" الكهرباء، أفكرُ في الإنتحار
- سيّدي لكنَّ الكهرباء مقطوعة!
أوه تباً، نسيت حتى الٱنتحار عاثر الحظ في هذهِ البلاد، وإن حوّلت الٱشتراك سينزل والدي ويفصله، حسناً لا بأس سآتي بالمسدسِ من الدرج، وسأكمل تجاربَ الأداءِ في الٱنتحار.
***
- أَحقاً تُريد الةنتحار يا سيدي؟
- ما ٱسمك
- جايمس
- حسنا يا جايمس، بالطبعِ لا، أُجربُ فقط أيّ ٱنتحار أكثر إزعاجًا منَ الآخر، إنني رجل ذو أخلاقيات عالية.
- لم أفهم؟!
- كم الساعة الآن يا جايمس؟
- الثانية عشر، منتصف الليل.
- إسمع، إذا أطلقت رصاصة وسطَ هذهِ الحارة الضيّقة في هذا الوقت، سيستيقظِ الجميع، وأيضاً أفضِّلُ الموتَ بعيداً عنِ النّاس، إنّهم كلابٌ تحشرُ أنوفها في كلِّ شيء لدرجة أنك تعتقد نفسكَ "زيحَ كوكايين".
***
- على كلِّ حالٍ، كيفَ دخلتَ إلى بيتي يا جايمس؟
أنت سارق على ما أعتقِدْ.
- نعم يا سيّدي وبكلِّ فخر، وجدتُ بابَ بيتكَ مفتوحاً، فَدَخلت.
- ولما لم تدخل منَ الشُبّاكِ مثلاً؟
إسمع يا سيّدي، السّارقونَ الأذكياء، يدخلونَ من الأبواب، وأنا لصٌّ مُحترم أيضاً، هل عندكَ أشياء ثمينة للسَّرِقة؟
- ما معنى الأشياء الثمينة؟
-"ذهب، فضّة، ساعات، حديد، تنك قديم للبيع"، عفواً للسَّرِقَةْ.
وإنْ أَردَّتَ أُقايضكَ، فأنا صاحب مهنة شريفة.
- عندي بعض الكتبِ "لفوزي يمين" وأخرى "لبوكوفسكي".
- هل تمزح معي؟ إن لم تُعطني ما أُريد فسأطلقُ على رأسك النّار.
- "طزْ" أَطلق هههه منذُ قليل كنت أحاولُ الٱنتحار، بحقِّ الآلهة هل تعتقد أنّكَ تُخيفني؟ ستسدي إلي معروفاً كبيراً وتوفر علي الكثيرَ منَ الضحك.
- ألا تخافُ على نفسكْ؟
- لا! إنما سأموت من الضحك فقط، أخافُ عليكَ، فأنا أحد المشاريع الفاشلةْ لعائلة طويلةِ الأسماءِ، منذ ولادتي وأنا أحملُ نبتة صبّارٍ تحتَ إبطي وخِصيَتَيَّ وأمشي.
- ألم يورثوكَ شيئاً، قل بسرعة!
- بالطبعِ، أورثوني علّاقةَ ثيابٍ أكتافها دائماً إلى الأسفلِ، إنّها أكثرُ الأشخاصِ إصابة بالخيبةِ، وأورثوني ما يكفي مِن قِصَرِ النظرِ لأكون ثقبَ مفتاحٍ في خزانةٍ مُطلَّةٍ على العالم.
***
- ماذا تُريد من الحياة يا جايمس؟
- أَطمحُ أن أُصبحَ أعظمَ اللصوصِ وأحوّل العالم إلى مكانٍ أفضَلْ!
- إسمع يا جايمس العالم هو العالم، ليسَ بحاجة إليّ أو إليك ليقولَ لنا مشاكلهُ اليوميّة، والنَّفسيَّة، وخِصامه أسفل الجبل معِ الزَّهرة.
- رأيتُ أنّكَ تمتَلك خزانة، ماذا يوجد داخِلها؟
- قُمِ الآنَ إلى المطبخ، وأشعلِ الغاز، وٱصنع لنا بعض القهوة فأنتَ لصٌّ مُحترم
- بالمناسبة هل شاهدتَ فيلم “who' s singin over there” ؟
-كلا، ولما تَسأل؟
- يجب عليكَ أن تعرف أنَّ الأفلام إذا لم تكن تمثيلاً فليست حقيقية، الممثلون يحاولون خداعنا، يريدون أن تبدو المشاهد واقعيّة وحقيقيَّة، وهذا من أخطائهم الفادحة، مثلا في هذا الفيلم لم يبدِ لنا كوستاريكا أي ردةِ فعلٍ تجاه الحرب، بل هو وعاء من العبثِ المستمر، والموت، أعتّقد أنَّ ملكَ الموتِ كان يجب عليهِ أن يقبضَ أرواحنا مِن مؤخّراتنا، فنحنُ نُحِبٌّ المحنَ كثيراً.
يسكبُ جايمس القهوة في فنجانٍ واحِدْ، ويسأل مرةً أخرى، ماذا يوجّدْ داخلَ الخِزانة يا سيّدي؟!
لاحقاً سَنعرفُ يا جايمس...لاحقاً
كن جزءًا من مشروع "رحلة"
وادعَم صُدور النّسخة الورقيّة الشهريّة